الجزائر تفرض التأشيرة على المغاربة: هل تتكبد الجزائر خسائر أكثر من المكاسب؟
في خطوة مفاجئة، أعلنت الجزائر يوم الخميس 26 شتنبر 2024 فرض تأشيرة الدخول على المواطنين المغاربة، وهو ما أثار ردود فعل متنوعة على المستوى الشعبي والإقليمي. وبينما يعتبر القرار ذا أبعاد سياسية واضحة تتعلق بالعلاقات المتوترة بين البلدين، فإن تأثيراته الاقتصادية والسياحية لا يمكن إغفالها. هذا القرار، رغم أنه قد يبدو في مصلحة الجزائر من حيث التحكم في حركة المغاربة إلى أراضيها، إلا أنه يحمل في طياته خسائر كبيرة على عدة مستويات.
خسائر اقتصادية مباشرة
المغرب والجزائر جارتان تربطهما علاقات اقتصادية تاريخية، حتى مع التوترات السياسية. فرض التأشيرة على المغاربة قد يؤدي إلى تقليص حركة التبادل التجاري البسيطة التي ما زالت قائمة بين البلدين، خاصة في المناطق الحدودية. التجار الذين كانوا يعتمدون على الحركة السلسة بين البلدين سيواجهون عقبات أكبر، ما قد يؤدي إلى تراجع نشاطاتهم وتقليص مداخيلهم.
كما أن الجزائر قد تخسر من خلال هذا القرار فرصًا استثمارية محتملة من رجال الأعمال المغاربة الذين كانوا يرون في الجزائر سوقًا واعدة أو محطة استراتيجية للتوسع نحو أفريقيا جنوب الصحراء.
تأثيرات على قطاع السياحة
من الناحية السياحية، يعد المغرب واحداً من أكبر مصادر السياح القادمين إلى الجزائر. الجزائريون والمغاربة يتشاركون في العديد من الروابط الثقافية والتاريخية، ما يجعل زيارة الجزائريين للمغرب والمغاربة للجزائر أمرًا طبيعياً وسهلاً. إلا أن فرض التأشيرة سيقلل بشكل كبير من عدد السياح المغاربة الذين يرغبون في زيارة الجزائر، مما سيؤثر سلباً على الفنادق والمطاعم وقطاعات أخرى مرتبطة بالسياحة.
السياح المغاربة كانوا يشكلون جزءاً لا يستهان به من السياحة الداخلية للجزائر، سواء في المدن الكبرى أو في المناطق السياحية الجنوبية التي تعتمد بشكل كبير على تدفق السياح الأجانب. تقليص هذا التدفق سيؤثر بلا شك على العائدات السياحية للجزائر.
العزلة الإقليمية والتوتر الدبلوماسي في الجزائر
القرار بفرض التأشيرات ليس مجرد إجراء إداري، بل هو رسالة دبلوماسية قد تزيد من حدة التوتر بين البلدين. هذه التوترات تعني أن الجزائر تعزل نفسها عن جارتها المغربية، وتفقد فرص التعاون الاقتصادي والإقليمي التي قد تكون مفيدة لكلا البلدين. التعاون بين دول المغرب العربي مهم لاستقرار المنطقة وتنميتها، وفرض التأشيرات قد يزيد من العقبات أمام هذا التعاون.
تأثيرات اجتماعية وثقافية بين الجزائر والمغرب
على المستوى الاجتماعي، يتسبب هذا القرار في تقويض الروابط العائلية والثقافية بين الشعبين. فهناك عائلات ممتدة بين المغرب والجزائر، حيث يعيش أفراد العائلة الواحدة في كلا البلدين. فرض التأشيرة سيجعل من الصعب على هذه العائلات التواصل والالتقاء، مما يزيد من حدة الشعور بالانفصال بين الشعبين.
اللافت في الأمر أننا نشرنا مقالاً يوم 20 شتنبر 2024 أشرنا فيه إلى أن الجزائر تعتبر من بين الدول القليلة التي تفرض تأشيرات دخول على مواطني العديد من الدول الأوروبية وأمريكا وكندا وأستراليا. في المقابل، هناك عدد محدود جداً من الدول التي كان بإمكان مواطنيها دخول الجزائر بدون فيزا، من بينها: المغرب، موريتانيا، مالي، تونس، ماليزيا، ليبيا، وسيشل. هذا يعكس انفتاحاً نسبياً تجاه بعض الدول، إلا أن قرار فرض التأشيرة على المغرب يعتبر خطوة غير متوقعة.
هل تظنون أن الحكومة الجزائرية قرأت المقال الذي نشرناه، وهو ما جعلها تتخذ قرار فرض التأشيرة على المغاربة؟
ننصحك بقراءة المقالة التالية: لماذا تفرض الجزائر تأشيرة على مواطني أوروبا وأمريكا ومعظم دول العالم؟
في النهاية
رغم أن الجزائر قد ترى في فرض التأشيرة وسيلة
لحماية سيادتها أو للرد على توترات سياسية قائمة، إلا أن الخسائر
الاقتصادية والسياحية والاجتماعية التي ستنتج عن هذا القرار قد تكون أكبر
مما يُتوقع. الجزائر قد تخسر من خلال هذا القرار فرصًا للتعاون الاقتصادي
مع جارتها، وستقلص من عدد السياح المغاربة الذين كانوا يساهمون في دعم قطاع
السياحة. في النهاية، قد تجد الجزائر أن هذه الخطوة تأتي بتكلفة باهظة على
مصالحها الاقتصادية والاجتماعية.